Sunday, November 4, 2018

الاثنين 5 نوفمبر 2018

صحيت الساعة 2:30 صباحاً على رسالة واتس أب اتبعتت الساعة 12 ونص صباحاً ووصلتني متأخر. واحدة بتقول لي "خلينا نقطع واحنا مش قالبين على بعض". بصراحة مش فاهم إيه لازمة الصلح طالما هنقطع. يعني الواحد يفضل متذكر أمور لطيفة وحلوة للشخص التاني بعد ما قطع معاه وييجي وقت يضعف فيه ويحاول يتواصل معاه؟ أنا أفضل لو هنقطع إننا نفتكر كل مساوئ الشخص التاني، ونكرهه، عشان ما نحاولش نتواصل معاه تاني. وبما أني امبارح كتبت إن ماليش أصدقاء فده لأن الكل ماشي وراحل، وبصراحة اتخنقت، اللي عايز يرحل، يتفضل، وهفتحله الباب بنفسي أو هزقه من الشباك أو هضغطله الزناد... حسب ما يحب تكون طريقة رحيله.
أنا سني بيقرب من الأربعين... وبصراحة معادش عندي وقت أضيعه في المهاترات دي.
-------


اتكعلبت من شوية في الفيديو ده، الفيديو معمول من طيران نيوزيلندا وكله مبني على استثمار حب الناس لأفلام Lord of the Rings وThe Hobbit... اللي اتصوروا كلهم في نيوزيلندا. وخلي بالك إن دي العلاقة الوحيدة لنيوزيلندا بالموضوع، إن مواقع التصوير كانت فيها. ونيوزيلندا استثمرت الموضوع ده في عمل فيديو رائع زي ده.
أما في مصر، فحدث ولا حرج، عن تأخير المعدات في الجمارك والرشاوي اللي بتتطلب عيني عينك والمصنفات اللي بتراقب الفيلم عشان تتأكد إنه معمول حسب هواهم... إلخ. ده اللي عايز يصور فيلم دلوقتي عن مصر بيروح يصوره في أبو ظبي. وبعدين يطلعلنا واحد غبي يقولنا مصر أم الدنيا... صحيح؟ طيب إزاي؟ فين الدليل؟ الحقيقة أن مصر دولة متخلفة تعاني من دكتاتورية وفساد (على كل المستويات) وبطالة وعنصرية وإرهاب وانفجار سكاني وانهيار اقتصادي، يمكن زمان قبل غزو الأديان الإبراهيمية كانت مصر دولة عظمى، وبذلك وقتها كانت تستحق لقب أم الدنيا، لكن دلوقتي؟ تمشي في الشارع متلاقيش حد مبتسم أصلا، كل الناس مكشرة وكارهة نفسها، بسبب التلوث والزبالة في الشوارع والمتحرشين وسواقين التاكسي اللي بيقولولك أرقام فلكية على اعتبار إنك زبون أوقعك الله بين براثنهم عشان ينهشوك، والحكومة اللي بتغلي الكهرباء والمياه والغاز والبنزين والضرائب والجمارك وأسعار السلع مرتين أو تلاتة كل سنة، مستحيل نبقى زي نوزيلندا لأن معندهمش دكتاتورية، عندهم حرية اعتقاد حقيقية (مش المضروبة اللي عندنا) عندهم حرية تعبير حقيقية (مش تكميم الأفواه اللي عندنا)، بالتالي هم بيتقدموا والمصريين بيتحولوا لبهائم لا يناسبها إلا أن ترعى في الحقول وتُذبح.


----

أنجس فكرة ممكنة هي فكرة "شعب الله المختار" سواء اللي بيؤمن بيها اليهود أو المسلمين.

اليهود لما تشبعت فيهم الفكرة دي، نشوف أحوالهم واضحة في القرن الأول في القصص اللي بيحكيها الإنجيل سواء قصة السامري الصالح عن اليهودي المجروح المصاب اللي مرمي في الطريق وعدى عليه كاهن وفريسي وبصوله من فوق لتحت وسابوه ومشيوا... والسامري، اللي هو بالنسبة لليهود شخص نجس ومصافحته تنقض الوضوء (آه الديانة اليهودية فيها وضوء)، السامري ده شافه أشفق عليه شاله على حماره ووداه لفندق ودفع تمن علاجه وإقامته مقدماً مش طمعاً في إسلامه – لمؤاخذة – سامريته، لا، هو ما شافوش بعد كده تاني، كان لعمل الخير وبس بشكل طبيعي مش عشان يدخل بيه الجنة ولا أي هري من الهراء اللي بتؤمن بيه الشعوب المتخلفة. وهنا يتسأل سؤال، مين قريب اليهودي؟ الكاهن؟ ولا الفريسي؟ ولا السامري؟
المشكلة هو أننا كلنا بشر والمفروض والطبيعي إن كلنا سواسية، لكن فيه مجموعة من البشر لأسباب دينية أو عرقية أو الاتنين سواب يعتبروا نفسهم أحسن من بقية الناس، والفكرة دي في حد ذاتها بتخليهم أحط شعوب الأرض.
لو بصينا حوالينا في الكوكب وجبنا المجموعات الدينية والعرقية اللي بتؤمن بكده ببساطة هنلاقيهم شحاتين الكوكب، اللي شغلتهم هي الأكل والنوم والخلفة، زي البهايم.
زي التلميذ اللي اتقال له في أول السنة، عشان أنت قريب الأستاذ علان، هتنجح السنة دي بأعلى الدرجات. هل التلميذ ده هيذاكر؟ ليه يتعب نفسه ويذاكر وهو ناجح ناجح أصلاً؟
ومن هنا نستنتج إن الدين، وفكرة الجنة، وفكرة دخول الشخص الجنة لمجرد إنه مؤمن بدين ما، هي سبب انحطاط الشعوب وتخلفها، وسبب العنصرية والجهل والمرض والتحرش والفساد والرشوة والمحسوبية... آه بجد، سبب كل دول، بتسأل إزاي؟ التلميذ بطّل يذاكر، هيعمل إيه بوقته غير كل ده؟

فكرة الجنة نفسها بتخليك شايف إن – منطقيا – الحياة الأخروية اللي هي للأبد مهمة، فإزاي تنشغل عنها بالتعليم والقراءة وتهذيب النفس والعمل؟ ده أنت تواظب على كل الصلوات والعبادات اللي تكدست على مر مئات وآلاف السنين عشان تضمن الوصول إلى الجنة، وطز في العمل والعلم والتقدم لأن دي كلها توافه وأمور دنيوية مؤقتة.
يعني الشافعي بيقول: " كلُّ العُلُومِ سِوى القُرْآنِ مَشْغَلَةٌ، إلاَّ الحَديث وَعِلْمِ الفِقْهِ في الدِّينِ." وبالتالي، كل الناس اللي عملوا القرآن والحديث والفقه شغلانتهم (وبتعمل فلوس كتير الصراحة)، بقوا بيتسموا "علماء".
إنما عالم في الطب أو الفيزياء أو الكيمياء... هذه "مشْغَلَة"! علوم دنيوية تافهة مؤقتة!
بالمناسبة، دايماً بنلاقي الجهلاء والدهماء بيكرروا عبارات ملهاش معنى، مثل: "إذا رجعنا إلى ديننا سنصبح أمة متقدمة كما كنا".
وده للأسف ناتج عن عدم المعرفة إطلاقاً. لأن في الخلافة العباسية، الوقت اللي كانت العلوم فيه تتحدث العربية، كان الخليفة يجزل العطاء للنصارى واليهود لترجمة الكتب من اللاتينية واليونانية واللغات الأخرى إلى العربية، يعني حرية اعتقاد مكفولة. في نفس ذات الوقت كان أشهر ملحدين عرب ابن الراوندي وأبو عيسى الوراق بيعملوا حلقات نقاش وبينسخوا كتب وبيبيعوها عيني عينك في بغداد على بعد مرمى حجر من قصر الخليفة، يعني حرية تعبير مكفولة. وخلفاء الخلافة العباسية اتكلم ناس كتيرة جدا في التاريخ عن ولعهم بالجنس المثلي زي حكاية الخليفة الواثق وغلامه مُهج، يعني حرية جنسية مكفولة.
وانهارت الحضارة العلمية العربية واتدمرت على يد أبو حامد الغزالي... الراجل اللطيف اللي قال لا علم إلا ما علمه القرآن لنا، وكفّر الرياضيات والمشتغلين بها والكيمياء والمشتغلين بها وكتب كتاب يشنّع فيه على الفلسفة اسمه تهافت الفلاسفة، وتبعه تلامذته في التكفير زي ابن تيمية اللي كفّر ابن سينا وغيره من "العلماء" وتلميذه ابن قيّم الجوزية اللي كفّر علماء آخرين وكتب كتاب أحكام أهل الذمة وكتب أخرى سيذكرها التاريخ يوماً ببصقة كبيرة كما يذكر أهل العدل كتاب كفاحي للمجحوم هتلر.
الجهلاء والدهماء يريدون تقدم العصر العباسي وإسلام الغزالي وتيمية والجوزية... هيهات! النقيضان لا يجتمعان! 

الأحد، 4 نوفمبر، 2018

صحيت الصبح على خاطر مزعج، أنا ليا أصحاب؟ لا ماليش.
اللي ممكن أصنفهم كأصحاب ملهمش وجود، واللي موجودين ما ينفعوش. مفيش حد فيهم ممكن أشاركه أفراحي أو أتراحي أو حتى نكتة أبيحة وقعت قدامي. فيه منهم اللي ما ينفعش أشاركه بشيء أصلاً، لأنه – على حسب كلامهم – مشغولين على طول، أو بيختفوا لسبب ما لما أكون عايز أتكلم. وفيه منهم اللي مش بيظهر أصلا غير لما يكون عايز حاجة مني. لكن مفيش حد راغب ومستعد إنه يبقى قريب ويسمع. فيه زملاء عمل، ودول في الأغلب لطاف جداً، لكن برضه مش الناس اللي أشاركهم النكتة الأبيحة. المزعج في الحالة دي أن أحيانا بيبقى عندي أمور عايز أشاركها، ومش بلاقي حد أتكلم معاه فيها. فقررت عشان ما أنفجرش، أكتب هنا، يمكن، ألاقي حد يقرأ لي بعد وفاتي، ويدعيلي أو يدعي عليا ويشتمني... لكن في الحالتين هيفتكرني.

Saturday, June 20, 2015

حتى النهاية


استلقى على فراشه ينظر للسقف لساعات يفكر كيف بدأت الأحداث.
منذ حوالي 4 سنوات تقابلا على الإنترنت في مشكلة لها كانت تذرف الدموع لأجلها، ولأن من طبيعته مد يد المساعدة للجميع سواء صديق أو غريب، طلب رقم هاتفها، وقف إلى جانبها وساندها حتى تخطت مشكلتها. منذ ذلك الحين انعقدت بينهما صداقة متينة تحولت مع الوقت في خلال عام إلى حب جارف، وحينما صارحته أنها تحبه، صارحها هو أنه يحبها منذ أول يوم التقاها فيه. لكنها تراجعت بعد يومين، ذكرت مشاكل وأشياء كثيرة لديها، ولا تستطيع أن تكمل علاقة الحب هذه. ذكّرها أنهما بالأساس صديقان وأنه غير مهتم سوى بسعادتها. بعد أسبوع عادت لتقول له إنها تحبه. ليعودا مجدداً سوياً لتعود مرة أخرى بالبعد عنه وحظر رقم هاتفه ثم تعود مجدداً لتخبره أنها تحبه.  وتدور الأيام وتمر السنوات على هذا المنوال من ابتعادها الذي يشمل كلمات قوية وقحة لم يعتدها منها، واعتذار بعدها بفترة ليسامحها ويغفر لها ويعودا مقربين. تحمل منها الكثير خلال تلك السنوات، وتعلق بها بشدة حتى صارت جملة بسيطة منها مثل "كيف حالك؟" تغمره بالسعادة، مكالمة هاتفية واحدة تنسيه كل همومه ومشاكله واكتئابه وتشعره أنه على قيد الحياة.
لكن بعد 4 سنوات كاملة من المعاناة معها تتخللها لحظات سعادة قصيرة للغاية، حظرته بشكل نهائي سواء على الهاتف أو الإنترنت. ابتاع رقماً لا تعرفه واتصل بها لتخبره بأقسى ما سمعه منها طيلة تلك السنوات... بأن كل ما قالته له كان لا يعني شيئاً بالنسبة لها، مجرد كلام متطاير في الهواء، وأن هذه السنوات مجرد كذبة. وأنها أخرجته من حياتها لأنها تستطيع ذلك، بدون أي سبب أو تقصير منه في حقها. تذكر في تلك اللحظات كم خسر من أجلها لأنه جعلها الأولوية في حياته، من وقته الذي أعطاه لها بالكلية ومن صحته والتي تدنت بعد أن عاد للتدخين لكي يكون ثمة أمراً مشتركاً بينهما رغم أنه قد ترك التدخين لسنوات قبل أن يقابلها ومن أمواله في كل مرة دعاها للخروج يأخذها لأفخم مكان ممكن، فقط ليسعدها، وكم فرصة تخلى عنها من سفر للخارج وارتباط بفتاة جميلة، فقط لأجلها. تذكّر أيضاً كم كان مستعداً أن يخسره لأجلها، أهله وأصدقائه وإرثه، وحياته كلها لو أرادت، فتملكه الغضب وقال لها أبشع كلام نطقه لشخص في حياته كلها. لكن هذا لم يكن كفيلاً بتهدئة غضبه الذي صار كالبركان المتفجر في صدره، وأقسم أن يخلص العالم من الشر الكامن فيها وأن لا تأذي أحداً بعده كما تعمدت إيذائه هو.
وضع الخطة، وشرع بالتنفيذ. جمع كل ما يملك من المال واستأجر مخزناً مهجوراً بمنطقة أبو رواش بمحافظة الجيزة وجهزه لتنفيذ الخطة. استعار سيارة صديق له وقرر أن يذهب لها عند مكان عملها، وانتظرها لساعات حتى ظهرت. نزل من السيارة وتوجه إليها، عبست في وجهه حينما رأته وحاولت الابتعاد لكنه ناداها وأخبرها أنه يريد أن يجلس معها لمرة واحدة فقط لا غير، يريد الاعتذار عما بدر منه في حقها وأنه سيتركها لحال سبيلها. قالت أنها غير متفرغة وأنها لا تستطيع الذهاب معه، توسل إليها، فقبلت على مضض.
أخذها إلى المقهى الذي اعتادا الجلوس فيه، تحدث عن ما مر به واعتذر من قلبه عن ما بدر منه، وكان يعني اعتذاره حقاً، استأذنت للدخول إلى المرحاض، فجلس في مكانه هادئاً حتى توارت عن نظره، ليخرج من جيبه مخدراً قوياً أعده خصيصاً لهذا الغرض، ووضعه بمشروب النسكافيه الذي تشربه عادة.
عادت واستكملت مشروبها، بعد لحظات بدأت تشعر بالنعاس وقالت أنها ستذهب، أخبرها أنه سيوصلها بالسيارة حتى منزلها، فهو لا يرغب أن يتركها في هذه الحالة، ومرة أخرى وافقت على مضض.
دفع الحساب واستقلا السيارة ليتحرك في طريق منزلها وحينما تأكد أنها نامت استدار ليسير في طريق المخزن المهجور الذي استأجره.
حينما وصلا، تأكد أن لا أحد يراه، حيث أن المنطقة تخلو من الناس بعد السادسة مساءً، وحملها للمخزن. وفي المخزن أغلق هاتفها ونزع شريحة الهاتف وألقاها. وجلس ينتظر.
بعد ساعتين بدأت تفيق، لتجد نفسها مستلقية على طاولة في ظلام دامس، وأدركت أنها مقيدة للطاولة، همت بالصراخ لكنها لاحظت حركة عند ركن المخزن المظلم، نظرت بعينيها الواسعتين مدققة في الظلام، لتجده يجلس مسترخياً على مقعد خشبي ينظر إليها.
سألت: أين أنا؟ وكيف جئت إلى هنا؟ ماذا تفعل؟
اتجه ناحيتها بهدوء وأجاب: أنت هنا في مكان مهجور لا يوجد بشر حوله، ولن يسمعك به أحد أبداً، فوفري على نفسك الصراخ، ولتجيبي بصدق وصراحة، لماذا تركتني؟ هل كنت تتسلين بي كل تلك الفترة؟
أجابت:  لا، لم أكن أتسلى، لم أكن أعلم حتى إن كنت أحبك أم لا.
سألها: إذاً كنتي تخدعينني وتقولين أنك تحبينني؟
أجابت: لا أعرف، ولا أعلم، ولا أريد أن أعرف، أريد أن أضع هذه السنوات وراء ظهري وابدأ من جديد، أرجوك لا تأذيني، أرجوك أنا أعرفك جيداً، أنت أفضل وأطيب وأحن شخص عرفته بحياتي. كيف تفعل هذا بي؟
قال لها: قمتي بقتل هذه الصفات بآخر مكالمة هاتفية بيننا... أنا هنا أسعى لإنهاء شرورك ولأتأكد أنك لن تؤذي أحداً بعدي. لقد عرفتك على حقيقتك، لكم كنت ساذجاً لأخلق لك الأعذار كل مرة تهينني فيها، وبكل مرة أسامحك وأنسى كل ما فعلتيه بي لتعودي وتكرري فعله. صارت إهاناتك لي أمراً يسيراً بالنسبة لك حتى كففت بالاعتذار عنها. أنا أحبك حقاً من كل قلبي، وسأظل أحبك دوماً، هذا أمر لا أستطيع أن أكف عنه، لكن يجب أن ينتهي شرورك اليوم. دفعت الكثير من وقتي وصحتي وحياتي، أشياء كثيرة أضعتها لأجلك وأشياء كثيرة كان ممكن أن أضيعها لأجلك بإشارة منك. والآن يجب أن تدفعي المقابل لكل هذا، سأسرق منك ما حلمت دوماً بامتلاكه.
أحضر محقناً من على ركن الطاولة وقال لها: لا تخافي، هذا مخدر موضعي، أريدك أن تشاهدي كل شيء.
بدأت بالصراخ وحاولت تمزيق قيودها لكنها لم تستطع، فتح قميصها وحقنها بالمخدر فوق عظمة القص. وهي مستمرة بالصراخ حتى بح صوتها.
أحضر مشرطاً، وأخبرها عما هو عازم عليه، اتسعت عيناها في خوف ورعب وعدم تصديق لما يحدث، حاولت تقنع نفسها أنها تعيش كابوساً، لكن ألم إبرة المحقن كان حقيقياً للغاية.
قال لها: اهدئي يا حبيبتي... سينتهي كل شيء قريباً جداً.
أمسك المشرط بإحكام وقطع شقاً طولياً بصدرها فوق عظمة القص، فانفجرت نافورة صغيرة من الدماء، لتتساقط بعض القطرات على وجهه بجانب شفتيه، والتي لعقها بلسانه في تلذذ واضح. وكانت هي مستمرة بالصراخ، وهو لا يعلم لماذا تصرخ بعد أن أعطاها مخدراً موضعياً قوياً
.بدأ بالعمل، كسر الضلوع وفتحها عنوة، كان الدم يتدفق من كل جانب لكنه كان يتوقع هذا، واستمر بالعمل حتى رأى الكتلة العضلية النابضة في صدرها. نظر إليها، ليجدها متسعة العينين وأنفاسها متلاحقة. فقال لها: تصبحين على خير يا حبيبتي. ثم استخدم المشرط ليقطع صمامات القلب ويفصله عن جسدها. لتصير في لحظات جثة هامدة. منحها قبلة أخيرة على شفتيها، وقال لها: الوداع يا من أحبها قلبي.
وضع جثتها في برميلاً بلاستيكياً كبيراً يحوي حمض كبرتيك مركز. وقضي ليلته ينظف الطاولة والأرض من الدماء. وأخذ البرميل معه بالسيارة ليرميه بالصحراء في طريق القاهرة - الإسكندرية الصحراوي. حيث لن يتعرف أحداً أبداً على ما تبقى من جثتها.
انتهى أخيراً من النظر للسقف وتذكر كل الأحداث السابقة التي مرت به، قام من فراشه ليتجه إلى ركن الغرفة، لينظر إلى المرطبان المليء بالفورمالين... والكتلة العضلية القابعة في السائل المائل للصفرة، والتي كانت يوماً ما تنبض في صدرها لتضخ الدماء، لكن لم تنبض له قط. وابتسم في زهو وفخر، فهو الآن يملك قلبها، حرفياً!
تمت.

Thursday, February 5, 2015

رحلة عوضين- الجزء الثالث والأخير



أفاق عوضين ذات صباح ليجد نفسه بالحقل بموقع سقوط المركبة الفضائية. لم يدر كيف أتى إلى هنا حافي القدمين ولا كيف اتسخت يداه وثيابه.
أسرع عائداً إلى منزله ليجد زوجته تبحث عنه. لم يبالي بأسئلتها الكثيرة واتجه لغرفته مباشرة ليغلق الباب خلفه.
أخذ يلتقط أنفاسه بعمق ليهدأ، حاول أن يتذكر كيف غادر منزله ليجد نفسه بالحقل لكنه فشل. استلقى على الفراش وقرر أن يستكمل نومه.
وفي نومه وجد نفسه في سفينة فضائية هو قائدها، يعطي الأوامر بلغة لم يسمعها من قبل لكنها مفهومة بالنسبة له، شعر أن كل شيء منطقي بالنسبة له. كانت السفينة تواجه هجوماً من الأعداء واشتعلت محركاتها مما ألزم طاقمها بمغادرتها قبل انفجارها، كان آخر من غادرها بمركبة تسع شخص واحد فقط، متجهاً إلى أقرب كوكب مأهول، الكوكب الثالث بمجموعتنا الشمسية، كوكب الأرض.
استيقظ عوضين من نومه عند هذه النقطة، غارقاً في عرق غزير، ليجد أنه الشمس قد غربت ورحل النهار، نظر حوله قبل أن يتبين في دهشة أنه يستطيع الرؤية في الظلام الدامس، كل ما في الغرفة يحيطه غلاف باهت من الإضاءة، لم يكن يعرف إن كانت الإضاءة تنبعث من الأشياء المحيطة به أم أنه بالفعل يرى في الظلام كالقطط.
قرر الخروج والتمشي ليلاً إلى الحقل ليتبين حقيقة موهبته الجديدة، تسلل إلى الخارج متعمداً ألا تستيقظ زوجته التي تنام بالغرفة المجاورة مع الأولاد ليتجنب أسئلتها الفضولية. زادت دهشته حينما علم أنه يستطيع الرؤية بالظلام فعلاً، أخافه هذا قليلاً بالبداية، لكن لسبب غير معلوم لديه، بدأ في اعتياد الأمر سريعاً، انطلق سائراً إلى تلك الحفرة التي بدأ عندها كل شيء. وحينما وصل إليها، وجدها مردومة، وقف أمامها مفكراً، ماذا سيفعل الآن؟ فجأة قفز إلى ذهنه مشهد المذياع وصوته يعلو وينخفض بمجرد التفكير. أخذ نفساً عميقاً، وأغمض عينيه، ركز قواه العقلية كلها تجاه موضع الحفرة، في البداية تهيأ له أن لا شيء يحدث، لكن فجأة ابتدأت الأرض تهتز من تحت قدميه وارتفع التراب الذي أهيل على الحفرة لردمها لتنكشف الحفرة كما كانت أول مرة. ابتسم عوضين لنفسه في انتصار، بدأ الآن يستوعب سر التغيرات التي تحدث له منذ لقاءه بذلك الكائن الخارج من هذه الحفرة، أدرك أنه يتحول ليصير الكائن نفسه، ومع الوقت يفقد كينونته ليصير شخصاً آخر، شخصاً أفضل.
عاد عوضين إلى المنزل، ليجد زوجته في انتظاره قلقة كعهده بها، سألته عن سر خروجه المتكرر، لم يجب، تركها ودخل غرفته وأغلق الباب، سمعها من وراء الباب تعلق على فقدانه الكثير من الوزن، وجحوظ عينيه، وأنه، لدهشتها، أصبح أطول مما كان. اتجه للمرآة بغرفته ليرى فعلاً أنه يتحول ليصير أقرب إلى الكائن، أدرك أنها مسألة وقت فحسب.
نام تلك الليلة، ليحلم مجدداً، هذه المرة لم يكن بسفينة الفضاء، بل وجد نفسه بما يشبه العدم، لا شيء يحيط به من كل جانب، نظر حوله ليجد 6 كائنات أخرى تشبه الكائن الذي التقاه بالحقل، مجتمعون في انتظاره. تأمل وجوههم وشعر أنه يعرفهم من قبل. بعد فترة صمت وجيزة تكلم أولهم، وقال "مرحباً بك أيها الأرضي، اقترب تحولك على الاكتمال، اختارك قائدنا زرندور، لتكون خليفته، سوف نأتي لاصطحابك قريباً، كن مستعداً"
أفاق عوضين، شعر أن ثمة تغيرات فجائية قد طرأت عليه أثناء نومه، نهض سريعاً ليقف أمام المرآة، ليجد الانعكاس المقابل له يماثل الكائن.
أشار إلى الباب فانفتح وحده بدون أن يمسه، خرج في خفة من المنزل، متجهاً للحقل، متعمداً زرع فكرة واحدة في عقل كل من قابله، أنه لم يره. اتجه إلى موقع سقوط المركبة ورفع كلتا يديه ناظراً للحفرة، عادت المركبة للظهور مجدداً... فتح باب المركبة له، فدلف إلى الداخل ونظر إلى أجهزة التحكم فأضاءت وحدها فجأة، نظر لجهاز الإرسال، ونطق بكلمات لم يكن يفهمها منذ أسابيع قليلة، لتنتقل رسالته إلى كوكبه البعيد. كان فحوى الرسالة "أنا مستعد".
ظل سكان تلك القرية الصغيرة على ضفاف النيل يتهامسون لسنوات عن تلك القصة الغريبة، يوم رؤيتهم مركبة غريبة الشكل تنطلق بسرعة لم يروها بحياتهم متجهة إلى السماء، بنفس يوم اختفاء عوضين، الذي لم يرونه بعدها قط.  

Thursday, July 31, 2014

Nickleback - If Today Was Your Last Day - Arabic Translation

أقرب أصدقائي أعطاني أفضل نصيحة
قال: "كل يوم ما هو إلا هدية، وليس حقاً ممنوحاً لك،
لا تترك حجراً إلا وقلبته، واترك مخاوفك ورائك،
وحاول سلوك الطريق الذي لم يطرقه الكثيرون،
أول خطوة تأخذها، هي أوسع خطوة"
ماذا لو كان هذا يومك الأخير؟
وكان الغد متأخراً جداً، 
هل يمكنك توديع الأمس؟
هل ستعيش كل لحظة كأنها الأخيرة؟
وتترك الصور القديمة في الماضي؟
وتتبرع بكل ما تملك؟
إن كان هذا هو يومك الأخير.

يجب أن تكون طريقة حياتك هو السير عكس الاتجاه
ما يستحق الثمن، دوماً يستحق الكفاح لأجله. 
كل ثانية مهمة، لأن لا توجد محاولة ثانية.
لذا عش كأنك لن تعيش مرتين.
لا تسلك الطرق السهلة بحياتك.

ماذا لو كان هذا يومك الأخير؟
وكان الغد متأخراً جداً، 
هل يمكنك توديع الأمس؟
هل ستعيش كل لحظة كأنها الأخيرة؟
وتترك الصور القديمة في الماضي؟
وتتبرع بكل ما تملك؟
إن كان هذا هو يومك الأخير.
هل ستتصل بأصدقائك الذين لم ترهم لفترة طويلة؟
هل ستتذكر ذكرياتك القديمة؟
هل ستسامح أعدائك؟
هل ستبحث عن الشخص الذي تحلم به؟
وتقسم بكل عزيز لديك أنك ستحب أخيراً؟
إن كان هذا يومك الأخير.

إن كان هذا يومك الأخير،
هل ستترك علامة بإصلاح قلب محطم؟
تعلم أن الوقت ليس متأخراً لتتطلع بطموحك عالياً، أياً كنت.
لذا افعل ما تستطيع، لأنك لا تقدر على الرجوع بأي لحظة بحياتك للوراء.
لا تدع شيئاً يقف في طريقك، لأن عقارب الساعة لن تكون أبداً لصالحك.

ماذا لو كان هذا يومك الأخير؟
وكان الغد متأخراً جداً، 
هل يمكنك توديع الأمس؟
هل ستعيش كل لحظة كأنها الأخيرة؟
وتترك الصور القديمة في الماضي؟
وتتبرع بكل ما تملك؟
هل ستتصل بأصدقائك الذين لم ترهم لفترة طويلة؟
هل ستتذكر ذكرياتك القديمة؟
هل ستسامح أعدائك؟
هل ستبحث عن الشخص الذي تحلم به؟
وتقسم بكل عزيز لديك أنك ستحب أخيراً؟
إن كان هذا يومك الأخير.


Saturday, April 19, 2014

الاستنساخ



جلس حسين على مكتبه الصغير في معمله بالمنزل، أحنى رأسه على مكتبه في إحباط، فبعد خمس سنوات كاملة من الأبحاث لم يصل بعد لنتيجة مرضية. أخذ يتذكر رغماً عنه كيف بدأت الأحداث التي دفعته للانعزال والاستغراق في هذا البحث المضني للتوصل إلى اكتشاف لم يصل له العلم المعاصر بعد.
تبدأ الأحداث منذ 5 سنوات حينما تخرج حسين من كلية العلوم جامعة القاهرة، الأول على دفعته، ممتلئاً بروح الشباب والتفاؤل ليتلقى صدمته الأولى من حبيبته وزميلته سمر، بأنها ستتركه لتتزوج بآخر. كادت الصدمة أن تفقده النطق، ترك كل شيء واعتزل الحياة تقريباً، حتى لاحت له فكرة تشبث بها بشدة فهي أمله الوحيد أن يستمر مع محبوبته التي أعطاها كل قلبه. طلب لقائها لأمر ضروري، فوافقت على مضض بعد إلحاح منه، وكانت حجته أن ينفصلا بشكل هادئ ودي. تلاقيا في مكانهما المعتاد، وكانت كلماتها موجعة جداً بالنسبة له، لكنه كان يضع الخطة التي تبلورت في عقله أمامه طيلة الوقت، لذلك كان مبتسماً في هدوء لا مبالي. وبعدما انتهت سمر من مشروبها، واستأذنت لتمضي، تركها تمضي مودعاً إياها متمنياً لها حياة سعيدة. واتفق مع صاحب المقهى أنه سيحصل على هذا الكوب لأمر هام، ودفع أضعاف ثمنه ليحصل عليه، وضعه في حقيبة خاصة، وانطلق لمعمله المنزلي. أجل، كان كل ما يهمه بتلك اللحظة أنه يحمل الحمض النووي الخاص بسمر.  فالخطة في بساطتها هي شديدة التعقيد، إن كانت سمر الأولى قد تركته، فلما لا يسخّر العلم ليحصل على سمر أخرى.
لذلك ظل يجتهد بالخمس أعوام التالية كي يجد طريقة ليستنسخ سمر ويتخطى كل العقبات العلمية المعروفة بهذا الأمر. بل ليضيف لهذا جهاز لتجميد وظائفه الحيوية لمدة 20 عاماً حتى تكبر سمر الجديدة ليحبها وتحبه. سد أذنيه عن نصيحة صديقيه أحمد الطبيب النفسي وزوجته منى اللذان ترجياه كثيراً بالاستسلام والبحث عن أخرى، فقبلا ما يفعله بصمت.  
حتى أتت اللحظة التي تواجه كل عالم مثابر، ربما هي إلهام، أو قوة عليا توجهه، أياً كانت، فقد بدأ يجني ثمارها. وظهر النجاح في التجربة تلو الأخرى. حضّر رحماً صناعياً بالمعمل مجهزاً لنمو النسخة الجديدة به. استمر في مراقبة التجربة تسعة أشهر كاملة. حتى ولدت الطفلة الجديدة. سمر!
عرض الأمر على صديقيه، أحمد ومنى، وطلب أن يتبنيا سمر على أنها ابنتهما، في البداية رفضا بشدة، لكنهما رضخا للأمر بعدما شرح لهما حسين الخطة بكاملها، وبعدما رأيا الطفلة الجميلة سمر.  
تم الأمر رسمياً، وكان حسين قد استعد، وهب لصديقيه كل ما يملك حتى المعمل، لينفقا على سمر ويعلماها بشكل مشابه لسمر الأصلية، لتسير حياتها بنفس النمط الذي يعرفه عن سمر الأصلية. واستعد هو ليدخل جهاز التجميد، لمدة عشرين عاماً، آملاً أن ينجح الأمر ويخرج منه ليلتقي بسمر مجدداً.
بعد أن أصبح كل شيء جاهزاً، حانت اللحظة المنشودة، ودخل الجهاز، وأغمض عينيه موصياً صديقيه أن يتركا المعمل كما هو ويحافظا على المعمل كما هو للعشرين عاماً القادمة.
أغمض عينيه وبدأ الجهاز عمله، ثم فتح عينيه مرة أخرى، كأنما مرت لحظة واحدة. لكن كان كل شيء مختلفاً. وجد أمامه صديقه أحمد، وقد انحسر شعر رأسه وامتلأ ما تبقى منه بالشيب. كان استيعابه للأمور بطيئاً بالبداية، مما جعل صديقه أحمد - الذي صار طبيباً نفسياً شهيراً -  أن يذكره بكل شيء ويطمئنه على أن الخطة تسير بحذافيرها.
سر حسين كثيراً حينما شاهد وجهه بالمرآة، فما زال يحتفظ وجهه بنضارته كأنما لم يدخل للثلاثينيات من عمره بعد. سأل صديقه أحمد عن سمر، وهل هي بخير؟ أجابه بأنها بخير وأنهما سيقدمانه لها في أقرب وقت ممكن حينما يستعد.
تطلب الأمر أسبوعاً من حسين ليكون مستعداً وتنحسر أثار جهاز التجميد، ذهب لدعوة عشاء بمنزل صديقه أحمد، سلم على صديقته منى زوجة أحمد بحرارة. وقد أخبرا سمر بأنه صديق العائلة.
حينما تقابل مع سمر، كأنما توقف قلبه، لقد كانت كما كان يتخيلها تماماً، نفس الفتاة التي أحبها حينما كان بالكلية. وزادت سعادته جداً حينما بدا انجذاب سمر إليه واضحاً.
مرت الأيام وزادت المقابلات، خرجا سوياً تحدثا كثيراً، أخبرها بحبه لها، وانتظر رد فعلها، فأخبرته أنها أيضاً تحبه. شعر حسين أخيراً بأنه لم يهدر حياته عبثاً، تحقق حلمه وستدوم سعادته هذه المرة.
بعد مضي أشهر على هذه العلاقة السعيدة، بدأت سمر تتغير تجاهه، لا تتحدث كثيراً، لا ترد على اتصالاته إلا نادراً. حاول أن يتقرب منها أكثر لكنها بدأت بصده. سأل صديقيه عن سر هذا التغير، أجاباه بأنهما لا يعرفان.
 حاول سؤالها مباشرة، فأجابته بكل صراحة تصل إلى حد الوقاحة، أنها لم تعد تحبه، وأنها تنوي الزواج من آخر.
كانت الصدمة قاسية على حسين، لثاني مرة في حياته بعد مرور كل هذه السنوات، ترفضه سمر.
انعزل في معمله مرة أخرى، ولثاني مرة حاول صديقيه ثنيه عن هذا، لكنه لم يعد يريد مغادرة معمله أو مواجهة العالم مجدداً، فقد أثبت لنفسه أنه أضاع حياته هدراً!
وقرر كحل أخير للتخلص من كل يأسه وإحباطه وكآبته أن يدخل جهاز التجميد، موصيا صديقيه ألا يحاولا إخراجه منه مهما حدث.
وحتى لحظة كتابة هذه السطور، ما زال حسين في جهاز التجميد، يحلم بسمر حبيبته التي هواها قلبه ومنحها كل حياته.