"إلى
من يهمه الأمر،
اسمي مجدي حسين، طالب بالفرقة الرابعة بكلية الهندسة جامعة القاهرة، كنت طالباً مجداً، ومن أوائل دفعتي كل عام، حتى دخل حياتي ما قلب كياني وجعلني أترك كل شيء وألهث خلفه، بدأت هذه الأحداث منذ حوالي شهر، انتهيت من محاضراتي بالكلية بوقت متأخر وجلست مع أصدقائي بالمقهى لمدة قصيرة ثم عدت إلى المنزل منهكاً ساعياً إلى فراشي لأنام، وفي أثناء نومي شاهدت حلماً، لا، ليس حلماً، بل هو حياة بأكملها تكمن خلف جدران الوعي، لا يمكن الوصول إليها إلا أثناء النوم، شاهدت روضة غناء، واسعة ليس بها أحد، سوى فتاة، ويا لها من فتاة! سرقت عقلي وخلبت لبي منذ وقعت عليها عيناي لأول مرة. شعرها المنسدل على كتفيها كشلال من أشعة الشمس الصافية، ولون عينيها في منافسة محتدمة مع لون النباتات الأخضر بالحديقة المحيطة بنا من كل جانب. أشارت إلي بالاقتراب، فاقتربت ببطء وأنفاسي تتسارع مع كل خطوة، وحينما دنوت منها، ابتسمت، فابتسمت أنا أيضاً كالأبله، مشدوهاً بجمالها الفائق، سألتني "ما اسمك؟" أجبتها بسرعة "مجدي، وأنت؟" صمتت للحظة ثم اتسعت ابتسامتها وأجابت "عبير"، شعرت براحة كبيرة معها، ابتسامتها جذابة جداً، سألتها "كيف أتيت إلى هنا؟" أجابت عبير "بنفس الطريقة التي أتيت أنت بها إلى هنا". سألتها "أين نحن؟" أجابت "في عالم الأحلام" قلت مندهشاً "لكنني لم أشهد حلماً كهذا من قبل!" ضحكت برفق وقالت "أنا هنا طيلة الوقت، تركت عالم الواقع وأعيش هنا دوماً" ازداد اندهاشي وتعجبي وألحت أسئلة كثيرة على عقلي لكنها استبقتني قائلة "أعلم أن ثمة أسئلة كثيرة تريد طرحها، لكن ليس وقتها الآن". سألتها "لماذا؟" أجابت مبتسمة "لأنك ستستيقظ الآن" حينها أحسست بيد تهزني وصوت أمي يمزق عالم الأحلام قائلة "استيقظ يا مجدي، ستفوتك المحاضرة". استيقظت وذهبت إلى الكلية وجلست بالمحاضرة لا أقوى على متابعتها، ولا يشغل فكري سوى ما رأيته بحلم أمس، كلمات عبير وجمالها الأخاذ. أنهيت محاضراتي وذهبت للمنزل مباشرة بدون أن أجلس مع أصدقائي، وسر تعجلي هو رغبتي في النوم مبكراً، لعلي أظفر برؤياها مجدداً، وصلت للمنزل واتجهت لغرفتي، ولاحظ والداي تعجلي للنوم على خلاف ما يعلموه عني كمحب للسهر، لكنهم لم يهتموا بالسؤال، وهذا جيد، فلم أكن أعلم بماذا أجيبهما. انتظرت النوم أن يأتي لكنه عاندني وظللت مستيقظاً حتى منتصف الليل، حينئذ أتى النوم كضيف مرحب به، فاستسلمت له، وأغمضت عيني لتبدأ رحلتي، ومرة أخرى أجد نفسي بنفس المكان، وأجدها هناك تلهو بين الأغصان والزروع، ناديت عليها، فنظرت لي وابتسمت وسارت ناحيتي، فاتجهت ناحيتها لنتقابل بمنتصف الطريق، قلت لها بجدية "أفكر بك كثيراً منذ أمس" ابتسمت وتخضبت وجنتيها بحمرة الخجل وأطرقت برأسها ناحية الأرض وقالت هامسة "حقاً؟"، تلعثمت، فلم يكن هذا ما أقصده، لذا استجمعت شجاعتي وقلت "أجل، لم أر جمال مثل جمالك بحياتي قط". نظرت إلى عيني ثم قالت "وأنا أيضاً كنت أفكر بك"، شعرت بفرحة عارمة، لكن اكتفيت بابتسامة ودودة. سألتها "هل تأتين إلى هنا أثناء نومك أيضاً؟" صمتت لوقت طويل، ثم قالت "بالبداية، ثم قررت أن أظل هنا إلى الأبد" سألتها، "كيف؟" أجابت "سأخبرك غداً" تعجبت من غموضها الدائم، ولماذا لا تخبرني مباشرة، لكني أمام جمالها لم أستطع شيئاً إلا الإذعان لطلبها. سرنا سوياً، وسط الزروع، أمسكت بيدها فلم تمانع، حتى أتى موعد استيقاظي. وكالمعتاد، أيقظتني أمي كي لا أتأخر على محاضراتي، فبدلت ثيابي وذهبت للكلية، وأثناء شرح الدكتور للمحاضرة، لم أنتبه لكلمة قالها، فكل ما كان يشغلني هو سؤال واحد "هل سأراها مجدداً؟" انتهت محاضراتي، ونويت أن أذهب للمنزل مسرعاً، لكن استوقفني أصدقائي متذمرين من عدم وجودي أمس، ارتبكت، فلم يكن بمقدوري اخبارهم عن السبب، ألحوا علي فذهبت معهم مضطراً، وكنت صامتاً طوال الوقت حتى ظننت أنهم استثقلوا وجودي، كنت أعد الدقائق للذهاب إلى المنزل، وفعلاً، بعد وقت قصير، انطلقت إلى المنزل، ابدلت ثيابي وقلت لوالدي أنني أريد النوم مبكراً، وذهبت لغرفتي مسرعاً، وسارعت في النوم، هذه المرة أتى النوم سريعاً، ومثل كل مرة رأيتها تسير وسط الزروع، ناديت عليها وجريت ناحيتها، وأمسكت يدها وقلت لها "اشتقت لك كثيراً" صمتت مطرقة رأسها للأرض ولم ترد للحظات، ثم قالت أخيراً "هل أنت متيقن أنك تريد معرفة كيف أكون هنا طوال الوقت؟" باغتني سؤالها فأجبت في تأن "أجل، إن كنت لا تمانعين الإجابة". قالت "كنت أحضر إلى هنا في أحلامي مثلك تماماً، وأعجبني المكان جداً، حتى أنني اشتهيت أن أسكن فيه للأبد، وكان ثمة طريقة واحدة لهذا، اشتريت مجموعة من أقوى الأقراص المنومة، وتناولتها في جرعة واحدة..." صمتت فجأة وهي ناظرة إلي كأنما تريد التأكد من أنني أريد معرفة ما حدث حقاً، فسألتها "وماذا حدث؟" أجابتني "مت أثناء نومي، فتحقق لي ما أردت، وبقيت هنا إلى الأبد". ذهلت مما تقول، وقلت في تلعثم واضح "إذن... أنت ميتة؟" هزت رأسها بالإيجاب. تراجعت قليلاً وقد أخذتني المفاجئة وسألتها "لكن كيف؟" أجابت "لا أعلم كيفية حدوث هذه الأمور، كل ما أعلمه أنني هنا، وكنت وحيدة حتى أتيت أنت". لم أعلم بماذا أجيب... شعرت أنني أحبها حقاً، لكن كيف أكون معها؟ لم يعد لها وجود بعالم الواقع، ولا أراها سوى بعالم الأحلام، فكيف نكون سوياً؟ شعرت بالأسئلة تزدحم في رأسي، فابتسمت لتهون علي، وأمسكت بيدي لنسير سوياً بالحديقة، رباه! كم أحبها! ظللنا نسير ونبتسم لبعضنا البعض، حتى أتى موعد استيقاظي اللعين! استيقظت شارد الذهن، إنه يوم عطلتي وليس لدي ما أفعله، سوى أن أفكر بالأمر ملياً، عبير، حبي الأول، وأجمل فتاة رأيتها، هي في الواقع قد ماتت منذ فترة. فكيف السبيل إليها؟ هل أنساها وأستمر بحياتي؟ وعند هذا السؤال كأنما اعتصرت قلبي يد باردة، كيف أنساها؟ إنني حقاً أحبها! قررت أن أستمر في لقائها بعالم الأحلام، لعل الأمور تتغير. استمررت في يومي كالمعتاد كل عطلة، وحينما أتى موعد نومي، نمت، ثم استيقظت بالصباح، شعرت بالحيرة والغضب، كيف أنام ولا ألقاها؟ لماذا لم أحلم بها؟ هل كان حلم متكرر وانتهى؟ وعند هذه الفكرة سرت في جسدي قشعريرة. لا أريد أن أفقدها، رباه! أريد رؤيتها مجدداً! لم أذهب لمحاضراتي بذلك اليوم، وأغلقت هاتفي الخلوي حتى لا يتصل بي أحد، قلت لوالدي أنني أشعر بوعكة صحية، لذلك لن أخرج اليوم، وفي المساء حاولت مجدداً، نمت، ثم استيقظت، رباه! لماذا يحدث هذا؟ أريد رؤيتها مجدداً، كم أشتاق إليها! ظللت لثلاثة أيام أحاول وأحاول، أهملت محاضراتي، لا أخرج ولا أرى أحداً، وفي اليوم الرابع رأيتها، وكأنما كانت تنتظرني، احتضنتها بين ذراعي كأنما لا أريد افلاتها أبداً، وأحسست أنها تفعل نفس الشيء، وفي اندفاعي، قلت لها "أحبك يا عبير، ارتعبت من فكرة فقدانك" قالت مسرعة "وأنا أيضاً أحبك يا مجدي، انتظرتك طويلاً وخفت ألا تأتي" نظرت ملياً لوجهها الجميل، ثم قبلت شفتيها فبادلتني القبلة، انفصلنا سريعاً، ونظرنا للأرض في خجل واضح. قلت لها "عبير، أريد أن أكون معك للأبد" قالت لي "أعلم بماذا تفكر، وأريد أن تكون معي أيضاً، لكن لا تفعلها أرجوك، بالتأكيد هناك من يهتمون بك وسيحزنون لفقدانك بالواقع" قلت لها "لم أعد أبالي بشيء، إلا بوجودي معك، هل تسمحين لي بأن أشاركك هذه الحديقة للأبد؟" ابتسمت في حزن وقالت "أنت تعلم أنني أود هذا، لكن أخاف أن تندم على قرارك" أجبتها مسرعاً وحاسماً "لن أندم أبداً"، بعدما استيقظت، أعددت العدة، وجهزت نفسي للأمر، ذهبت لصديق صيدلي وتحججت بأنني لا أستطيع النوم جيداً، ولدي امتحانات مهمة قادمة، وطلبت أقراص منومة، وأعطيته اسمها، تعجب صديقي لأن هذه الأقراص من أقوى الأنواع، لكنه لم يعترض، وحصلت على الأقراص، قضيت أسبوعين أودع كل معارفي وأصدقائي نهاراً، وأجلس مع والداي معظم وقتي بالمنزل، وأتقابل مع عبير حبيبتي أثناء نومي. حتى أتى اليوم المنشود الذي خططت لأجله، سأتناول الأقراص الآن، وأذهب إلى حبيبتي عبير لنعيش سوياً بتلك الحديقة الرائعة بلا عودة لعالم الواقع. أريدكم أن تعلموا أنني في غاية السعادة الآن، وداعاً"
اسمي مجدي حسين، طالب بالفرقة الرابعة بكلية الهندسة جامعة القاهرة، كنت طالباً مجداً، ومن أوائل دفعتي كل عام، حتى دخل حياتي ما قلب كياني وجعلني أترك كل شيء وألهث خلفه، بدأت هذه الأحداث منذ حوالي شهر، انتهيت من محاضراتي بالكلية بوقت متأخر وجلست مع أصدقائي بالمقهى لمدة قصيرة ثم عدت إلى المنزل منهكاً ساعياً إلى فراشي لأنام، وفي أثناء نومي شاهدت حلماً، لا، ليس حلماً، بل هو حياة بأكملها تكمن خلف جدران الوعي، لا يمكن الوصول إليها إلا أثناء النوم، شاهدت روضة غناء، واسعة ليس بها أحد، سوى فتاة، ويا لها من فتاة! سرقت عقلي وخلبت لبي منذ وقعت عليها عيناي لأول مرة. شعرها المنسدل على كتفيها كشلال من أشعة الشمس الصافية، ولون عينيها في منافسة محتدمة مع لون النباتات الأخضر بالحديقة المحيطة بنا من كل جانب. أشارت إلي بالاقتراب، فاقتربت ببطء وأنفاسي تتسارع مع كل خطوة، وحينما دنوت منها، ابتسمت، فابتسمت أنا أيضاً كالأبله، مشدوهاً بجمالها الفائق، سألتني "ما اسمك؟" أجبتها بسرعة "مجدي، وأنت؟" صمتت للحظة ثم اتسعت ابتسامتها وأجابت "عبير"، شعرت براحة كبيرة معها، ابتسامتها جذابة جداً، سألتها "كيف أتيت إلى هنا؟" أجابت عبير "بنفس الطريقة التي أتيت أنت بها إلى هنا". سألتها "أين نحن؟" أجابت "في عالم الأحلام" قلت مندهشاً "لكنني لم أشهد حلماً كهذا من قبل!" ضحكت برفق وقالت "أنا هنا طيلة الوقت، تركت عالم الواقع وأعيش هنا دوماً" ازداد اندهاشي وتعجبي وألحت أسئلة كثيرة على عقلي لكنها استبقتني قائلة "أعلم أن ثمة أسئلة كثيرة تريد طرحها، لكن ليس وقتها الآن". سألتها "لماذا؟" أجابت مبتسمة "لأنك ستستيقظ الآن" حينها أحسست بيد تهزني وصوت أمي يمزق عالم الأحلام قائلة "استيقظ يا مجدي، ستفوتك المحاضرة". استيقظت وذهبت إلى الكلية وجلست بالمحاضرة لا أقوى على متابعتها، ولا يشغل فكري سوى ما رأيته بحلم أمس، كلمات عبير وجمالها الأخاذ. أنهيت محاضراتي وذهبت للمنزل مباشرة بدون أن أجلس مع أصدقائي، وسر تعجلي هو رغبتي في النوم مبكراً، لعلي أظفر برؤياها مجدداً، وصلت للمنزل واتجهت لغرفتي، ولاحظ والداي تعجلي للنوم على خلاف ما يعلموه عني كمحب للسهر، لكنهم لم يهتموا بالسؤال، وهذا جيد، فلم أكن أعلم بماذا أجيبهما. انتظرت النوم أن يأتي لكنه عاندني وظللت مستيقظاً حتى منتصف الليل، حينئذ أتى النوم كضيف مرحب به، فاستسلمت له، وأغمضت عيني لتبدأ رحلتي، ومرة أخرى أجد نفسي بنفس المكان، وأجدها هناك تلهو بين الأغصان والزروع، ناديت عليها، فنظرت لي وابتسمت وسارت ناحيتي، فاتجهت ناحيتها لنتقابل بمنتصف الطريق، قلت لها بجدية "أفكر بك كثيراً منذ أمس" ابتسمت وتخضبت وجنتيها بحمرة الخجل وأطرقت برأسها ناحية الأرض وقالت هامسة "حقاً؟"، تلعثمت، فلم يكن هذا ما أقصده، لذا استجمعت شجاعتي وقلت "أجل، لم أر جمال مثل جمالك بحياتي قط". نظرت إلى عيني ثم قالت "وأنا أيضاً كنت أفكر بك"، شعرت بفرحة عارمة، لكن اكتفيت بابتسامة ودودة. سألتها "هل تأتين إلى هنا أثناء نومك أيضاً؟" صمتت لوقت طويل، ثم قالت "بالبداية، ثم قررت أن أظل هنا إلى الأبد" سألتها، "كيف؟" أجابت "سأخبرك غداً" تعجبت من غموضها الدائم، ولماذا لا تخبرني مباشرة، لكني أمام جمالها لم أستطع شيئاً إلا الإذعان لطلبها. سرنا سوياً، وسط الزروع، أمسكت بيدها فلم تمانع، حتى أتى موعد استيقاظي. وكالمعتاد، أيقظتني أمي كي لا أتأخر على محاضراتي، فبدلت ثيابي وذهبت للكلية، وأثناء شرح الدكتور للمحاضرة، لم أنتبه لكلمة قالها، فكل ما كان يشغلني هو سؤال واحد "هل سأراها مجدداً؟" انتهت محاضراتي، ونويت أن أذهب للمنزل مسرعاً، لكن استوقفني أصدقائي متذمرين من عدم وجودي أمس، ارتبكت، فلم يكن بمقدوري اخبارهم عن السبب، ألحوا علي فذهبت معهم مضطراً، وكنت صامتاً طوال الوقت حتى ظننت أنهم استثقلوا وجودي، كنت أعد الدقائق للذهاب إلى المنزل، وفعلاً، بعد وقت قصير، انطلقت إلى المنزل، ابدلت ثيابي وقلت لوالدي أنني أريد النوم مبكراً، وذهبت لغرفتي مسرعاً، وسارعت في النوم، هذه المرة أتى النوم سريعاً، ومثل كل مرة رأيتها تسير وسط الزروع، ناديت عليها وجريت ناحيتها، وأمسكت يدها وقلت لها "اشتقت لك كثيراً" صمتت مطرقة رأسها للأرض ولم ترد للحظات، ثم قالت أخيراً "هل أنت متيقن أنك تريد معرفة كيف أكون هنا طوال الوقت؟" باغتني سؤالها فأجبت في تأن "أجل، إن كنت لا تمانعين الإجابة". قالت "كنت أحضر إلى هنا في أحلامي مثلك تماماً، وأعجبني المكان جداً، حتى أنني اشتهيت أن أسكن فيه للأبد، وكان ثمة طريقة واحدة لهذا، اشتريت مجموعة من أقوى الأقراص المنومة، وتناولتها في جرعة واحدة..." صمتت فجأة وهي ناظرة إلي كأنما تريد التأكد من أنني أريد معرفة ما حدث حقاً، فسألتها "وماذا حدث؟" أجابتني "مت أثناء نومي، فتحقق لي ما أردت، وبقيت هنا إلى الأبد". ذهلت مما تقول، وقلت في تلعثم واضح "إذن... أنت ميتة؟" هزت رأسها بالإيجاب. تراجعت قليلاً وقد أخذتني المفاجئة وسألتها "لكن كيف؟" أجابت "لا أعلم كيفية حدوث هذه الأمور، كل ما أعلمه أنني هنا، وكنت وحيدة حتى أتيت أنت". لم أعلم بماذا أجيب... شعرت أنني أحبها حقاً، لكن كيف أكون معها؟ لم يعد لها وجود بعالم الواقع، ولا أراها سوى بعالم الأحلام، فكيف نكون سوياً؟ شعرت بالأسئلة تزدحم في رأسي، فابتسمت لتهون علي، وأمسكت بيدي لنسير سوياً بالحديقة، رباه! كم أحبها! ظللنا نسير ونبتسم لبعضنا البعض، حتى أتى موعد استيقاظي اللعين! استيقظت شارد الذهن، إنه يوم عطلتي وليس لدي ما أفعله، سوى أن أفكر بالأمر ملياً، عبير، حبي الأول، وأجمل فتاة رأيتها، هي في الواقع قد ماتت منذ فترة. فكيف السبيل إليها؟ هل أنساها وأستمر بحياتي؟ وعند هذا السؤال كأنما اعتصرت قلبي يد باردة، كيف أنساها؟ إنني حقاً أحبها! قررت أن أستمر في لقائها بعالم الأحلام، لعل الأمور تتغير. استمررت في يومي كالمعتاد كل عطلة، وحينما أتى موعد نومي، نمت، ثم استيقظت بالصباح، شعرت بالحيرة والغضب، كيف أنام ولا ألقاها؟ لماذا لم أحلم بها؟ هل كان حلم متكرر وانتهى؟ وعند هذه الفكرة سرت في جسدي قشعريرة. لا أريد أن أفقدها، رباه! أريد رؤيتها مجدداً! لم أذهب لمحاضراتي بذلك اليوم، وأغلقت هاتفي الخلوي حتى لا يتصل بي أحد، قلت لوالدي أنني أشعر بوعكة صحية، لذلك لن أخرج اليوم، وفي المساء حاولت مجدداً، نمت، ثم استيقظت، رباه! لماذا يحدث هذا؟ أريد رؤيتها مجدداً، كم أشتاق إليها! ظللت لثلاثة أيام أحاول وأحاول، أهملت محاضراتي، لا أخرج ولا أرى أحداً، وفي اليوم الرابع رأيتها، وكأنما كانت تنتظرني، احتضنتها بين ذراعي كأنما لا أريد افلاتها أبداً، وأحسست أنها تفعل نفس الشيء، وفي اندفاعي، قلت لها "أحبك يا عبير، ارتعبت من فكرة فقدانك" قالت مسرعة "وأنا أيضاً أحبك يا مجدي، انتظرتك طويلاً وخفت ألا تأتي" نظرت ملياً لوجهها الجميل، ثم قبلت شفتيها فبادلتني القبلة، انفصلنا سريعاً، ونظرنا للأرض في خجل واضح. قلت لها "عبير، أريد أن أكون معك للأبد" قالت لي "أعلم بماذا تفكر، وأريد أن تكون معي أيضاً، لكن لا تفعلها أرجوك، بالتأكيد هناك من يهتمون بك وسيحزنون لفقدانك بالواقع" قلت لها "لم أعد أبالي بشيء، إلا بوجودي معك، هل تسمحين لي بأن أشاركك هذه الحديقة للأبد؟" ابتسمت في حزن وقالت "أنت تعلم أنني أود هذا، لكن أخاف أن تندم على قرارك" أجبتها مسرعاً وحاسماً "لن أندم أبداً"، بعدما استيقظت، أعددت العدة، وجهزت نفسي للأمر، ذهبت لصديق صيدلي وتحججت بأنني لا أستطيع النوم جيداً، ولدي امتحانات مهمة قادمة، وطلبت أقراص منومة، وأعطيته اسمها، تعجب صديقي لأن هذه الأقراص من أقوى الأنواع، لكنه لم يعترض، وحصلت على الأقراص، قضيت أسبوعين أودع كل معارفي وأصدقائي نهاراً، وأجلس مع والداي معظم وقتي بالمنزل، وأتقابل مع عبير حبيبتي أثناء نومي. حتى أتى اليوم المنشود الذي خططت لأجله، سأتناول الأقراص الآن، وأذهب إلى حبيبتي عبير لنعيش سوياً بتلك الحديقة الرائعة بلا عودة لعالم الواقع. أريدكم أن تعلموا أنني في غاية السعادة الآن، وداعاً"
انتهى وكيل
النيابة من قراءة رسالة مجدي الأخيرة على الحاضرين، وأمر بنقل جثة مجدي إلى
المشرحة لتبين أسباب الوفاة، ونظر بشفقة كبيرة إلى والدي مجدي اللذان أخذا يبكيان
ابنهما الوحيد الذي انتقل من عالم الواقع... إلى عالم الأحلام. تمت.
خيال ممتع
ReplyDeleteيخربيتك موتت الراجل :D بعد كل هذه الرومانتيكية
ReplyDeleteغصب عني... أنا أول واحد زعلت على موته :(
Deleteقوية ، والشيء الغريب إن في رأيي نهايتها سعيدة إلي حد ما ، يعني سعيدة لمجدي مش لأهله :-)
ReplyDeleteده كان رأيي برضه... وبحسده جداً
Deleteممتعة وجميلة وجعلت قلبي يدمع سلم قلمك وعقلك
ReplyDeleteقصة حالمة و اشخاص غير موجودين علي ارض الواقع
ReplyDeleteوسام