Thursday, August 8, 2013

الاشتراكية الليبرالية


في أثناء بحثي عن خط وسط ما بين الاشتراكية بجمودها والليبرالية الاقتصادية بكل عيوبها ومساوئها، وجدت الاشتراكية الليبرالية، وهي فرع من فروع الاشتراكية الديمقراطية ولو إنها تختلف عنها في بعض الأشياء (سأكتب تدوينة أخرى عن الإشتراكية الديمقراطية لاحقاً).
 ما هي الاشتراكية الليبرالية؟
 هي نوع من الاشتراكية التي تتضمن المبادئ الليبرالية بداخلها (أي الحرية والمساواة). تدعم الاقتصاد المختلط، أي الملكية العامة والخاصة ولا تحوي بداخلها الأيدولوجية الخاصة بالقضاء على الرأسمالية. وتعتبر الاحتكار بكل أنواعه من أخطاء الرأسمالية. والاشتراكية الليبرالية هي صراحة ضد اقتصاد عدم التدخل (أي أنها بالتبعية ضد اقتصاد السوق الحر.) ولكن بنفس الوقت، ضد اشتراكية الدولة. وتعتبر كلا من الحرية والمساواة متوافقين مع بعضهما البعض وثمة حاجة لكلاهما لتحقيق مساواة اقتصادية أكبر (قدرة الجميع على تكوين الثروة) والتي هي ضرورية لتحقيق حرية اقتصادية أكبر. (قدرة أفراد المجتمع على اتخاذ قرارات وأفعال اقتصادية منفردة.)
من هم كبار الشخصيات المؤثرة بحركة الاشتراكية الليبرالية؟
جون ستيوارت ميل، إدوارد برنستين، جي دي إتش كول، جون ديوي، كارلو روسيلي، نوربيرتو بوبيو وشانتال موفي.
كيف بدأت الاشتراكية الليبرالية؟
ألمانيا:
بدأت النسخة الأولية الاشتراكية الليبرالية في ألمانيا ببدايات القرن العشرين على يد الاشتراكي الألماني فرانس أوبنهايمر، وبرغم أنه كان رمتبطاً بالاشتراكية، فنظرياته ألهمت تطور الاشتراكية الليبرالية التي أيدها وعمل على تطبيقها المستشار الألماني لودفيغ إرهارد (صاحب نظرية اقتصاد السوق الاشتراكي، والتي حولت ألمانيا من دولة دمرتها الحرب العالمية الثانية إلى دولة متقدمة).
المجر:
أعلن السياسي المجري أوسكار جاسي دعمه للاشتراكية الليبرالية، رافضاً الاشتراكية الشيوعية. وكان معارضاً لتركيز الاشتراكية الديمقراطية على طلب الدعم من الطبقة العاملة، وقد رأى جاسي أن الطبقة الوسطى وصغار المزارعين هما أساس تطور ونمو الاشتراكية، وتحدث عن الحاجة لطبقة وسطى راديكالية. وكانت له نظرة معادية للماركسية مبنية على الأحداث بالمجر عام 1919 بسبب الثورة البلشفية والتي على أثرها رفض الشيوعية بنفس العام بعد سقوط الجمهورية المجرية السوفيتية بوقت قصير.
وقد دعم جاسي الاشتراكية التي تتضمن مبادئ الحرية والطوعية المبنية على حرية الرأي والإرادة وكذلك اللامركزية. رافضاً شيوعية الاتحاد السوفيتي المبنية على الدكتاتورية والحكم العسكري وسيطرة الدولة على كل شيء والاقتصاد المقيد الذي لا يراعي المنافسة أو الجودة.
المملكة المتحدة:
أثرت الاشتراكية الليبرالية بالسياسة البريطانية خاصة بشكل آخر من الاشتراكية وهو الاشتراكية الأخلاقية، وأحد أبرز مكونات الأخيرة هو دعمها للاقتصاد المختلط والذي يعني قبول دور كلا من القطاع العام وأيضاً القطاع الخاص المسؤول اجتماعياً.
إيطاليا:
تأثر الاشتراكي الإيطالي كارلو روسيلي بتعريف الاشتراكية لمؤسس الاشتراكية الديمقراطية إدوارد برنستين، والذي عرف الاشتراكية بـ"الليبرالية المنظمة"، وقد وسع روسيلي من مفهوم برنستين لتطوير ما يسمى رسمياً بـ"الاشتراكية الليبرالية". وقد عرّف روسيلي أيدولوجية الحركة بكتابه الذي يحمل نفس الاسم "الاشتراكية الليبرالية" (1925) والذي دعم فيه تعريف الاقتصاد الاشتراكي الذي وضعه الاقتصادي الاشتراكي فيرنر سومبارت بكتابه "رأس المال الحديث" (1908)، والذي تصور فيه اقتصاداً حديثاً مختلطاً يتضمن كلاً من القطاع العام والخاص، ومنافسة اقتصادية محدودة وتزايد التعاون الاقتصادي.
وكان روسيلي معجباً بمبادئ الليبرالية كأيدولوجية تشدد على التحرير لكنه كان محبطاً جداً من الليبرالية كنظام، حتى أنه وصفها بأنها تستخدم من قبل البرجوازيين لدعم امتيازاتهم بينما يتجاهلون عنصر التحرير بالليبرالية كأيدولوجية، ولذلك رأى روسيلي أن الليبرالية التقليدية كنظام أصبح مجرد أيديولوجية لـ"رأسمالية البرجوازيين".
وبنفس الوقت أعجب روسيلي بالاشتراكية كأيدولوجية لكنه كان محبطاً منها كنظام، وقد أعلن قائلاً : "كل التجارب مؤخراً بالثلاثين عاماً الماضية، أدانت بشكل قاطع بدائية برامج الاشتراكيين. واشتراكية الدولة على وجه خاص -الاشتراكية الجماعية المركزية- قد انهزمت."
كانت الاشتراكية الليبرالية لروسيلي مبنية جزئياً على دراسته واعجابه بالأفكار السياسية للجمعية الفابية البريطانية وجون ستيوارت ميل. وقد زاد اعجابه بالاشتراكية البريطانية بعد زيارته للمملكة المتحدة عام 1923 حيث تقابل مع جي دي إتش كول وآر إتش تاوني وأعضاء آخرين من الجمعية الفابية.
جزء هام من الاشتراكية الليبرالية الايطالية التي طورها روسيلي هي أنها ضد الفاشية. لقد عارض روسيلي الفاشية واعتقد أن الفاشية ستهزم على يد انبعاث الاشتراكية. وقد أسس روسيلي حركة العدالة والحرية كحركة مقاومة للنظام الفاشي الإيطالي بالثلاثينيات من القرن المنصرم.
وبعد وفاة روسيلي، تطورت الاشتراكية الليبرالية بالفكر السياسي الإيطالي عن طريق غويدو كالوغيرو، لكن بعكس روسيلي، اعتبر كالوغيرو أن الاشتراكية الليبرالية هي أيدولوجية فريدة من نوعها ومنفصلة عن أيدولوجيات الليبرالية والاشتراكية المتواجدة. وقد كتب كالوغيرو المانفستو الأول للاشتراكية الليبرالية عام 1940 والذي بدأ بـ:
"في أساس الاشتراكية الليبرالية يعلو مفهوم الوحدة الجوهرية وهوية الفكر المثالي، والتي تدعم الاشتراكية في طلبها للعدالة كما تدعم أيضاً الليبرالية في طلبها للحرية. هذا الفكر المثالي يتطابق مع المبدأ الأخلاقي الذي يحكم الإنسانية والحضارة بالماضي والمستقبل والذي يجب أن نسمو إليها دوماً. هذا المبدأ الذي من خلاله نعترف بإنسانية الآخرين بالمقارنة مع إنسانيتنا ونمنحهم الحق في رعاية أملاكهم."
بلجيكا:
شانتال موفي هي مدافعة شهيرة عن الاشتراكية الليبرالية  ووصفتها بالتالي:
"لتعميق وإثراء تعددية الليبرالية الديمقراطية، يجب تحطيم الارتباط بين الليبرالية والفردية، لتحقيق مقاربة جديدة للفردية تجدد طبيعتها الاشتراكية بدون تقليصها لتصير مجرد عنصر بسيط بالمجتمع. وربما هنا يمكن للفكر الاشتراكي التقليدي أن يحتوي ما يمكنه المساهمة به في المشروع الديمقراطي وفي هذا يمكن وعد الاشتراكية الليبرالية."
المراجع:
http://en.wikipedia.org/wiki/Liberal_socialism

No comments:

Post a Comment